برنامج ظهيرة الجمعة يكسر روتين البرامج






غيلان ناصر


أبهرتنا وأمتعتنا الحلقة الماضية لبرنامج ظهيرة الجمعة, الذي يعرض على قناة الشرقية حيث استضافت الإعلامية القديرة (رقية حسن) المطرب الريفي (رعد الناصري) أما النقرات على القانون كانت لفنان جميل يفرض بأنامله الماسية الإعجاب انه الأستاذ (فرات قدوري) انبثقت منها مواضيع بديعة ومعلومات أتحفنا الجميع بها, كانت (رقية حسن) فارسة ميدانها, فأعدت لهذه الحلقة إعدادا متقنا وبحثت بين أروقة المقامات والغناء الريفي العراقي, وقرأت الحلقة بكل تفاصيلها لذلك كانت استثنائية بكل جدارة.

<!--more-->
ما تفشل فيه السياسة يصلحه الفن. هذا العنوان الرئيسي لهذه الحلقة, ولم أجد غيره عنواناً. لان الحديث تناول مختلف ألوان الغناء الريفي العراقي العتيد. مدبجين حديثهم عن الكبير (داخل حسن) وهو الذي يعتبر مدرسة في الغناء الريفي. ثمة أمور مهمة كنا نغفلها عن الرائد (داخل حسن) إذ كان يضع المسباح بين راحت يديه ويفركه ممثله بإيقاعات, بعدها أدخلت الآلات الموسيقية شيئا فشيئا. ثم ازداد الحديث حلاوة بذكر الفنان القدير عازف الكمان (فالح حسن) فهو يعتبر مدرسة في العزف الريفي على الكمان وان الغناء الريفي لا يمكن أن يسمع إلا وتصاحبه آلة  الكمان.
استطرد فرات في حديثه الممتع ليلج إلى مقام المحمداوي الذي يتفرع إلى عدد من الفروع من حيث اللهجات وطريقة الغناء والعزف وكل عشيرة أو قبيلة في الناصرية الحبيبة تغنيها بطريقة تختلف عن الأخرى, وفي مداخلة مفيدة أضافت (رقية): إننا لا نمتلك كتب خاصة أو أمهات الكتب, تتحدث عن الغناء الريفي العراقي بشكل مفصل ومتقن حتى تكون مرجعا مهما للأجيال كي تنهل منها.
كما تحدث المطرب رعد الناصري عن (يونس العبودي وسيد علي) واصفهم, معه بأنهم الثلاثي الذي يجيد الغناء الريفي الآن. وازدان الحديث روعة ورقة عندما أدخلونا إلى جميع مناطق العراق وبالتحديد إلى الغناء في المنطقة الغربية فكان الناي الحويجي (وهي منطقة تقع في شمال مدينة كركوك) حاضر أيضا مع غنائه, حيث برع (رعد الناصري) بغنائه. وعرفنا فرات بان أهل الصحراء تكون أصواتهم قوية وقاسية لأنها منطقة مفتوحة, حتى يصل صوت المطرب إلى ابعد حدود. وكان لابد من ذكر اسم الفنان الكبير (إبراهيم العبدالله) فهو صاحب الفضل الكبير في تطوير ناي الحويجة. كما آنسنا مقام المخالف والفنان (محسن العبودي) بالذكر والغناء الجميل. بيد ان ما كان ينقص اللقاء سماع ضربات الخشبة أو الزنبور فبرغم حضورها لكننا لم نسمع أنينها.
 أنهت رقية البرنامج بكلمات ثاقبة: إن الغناء الريفي يؤنس القلب ولا يخدش إذن المستمع. ليس ثمة مجال لإنكار القيمة الفنية والعلمية لهذا البرنامج, والذي يلج إلى بيوت العائلات العراقية في الداخل والخارج. فمن السهل أن تعد وتقدم برامج جمة في خضم هذه البرامج المترامية وتقحمها عنوة في الاقنية الفضائية. لكن من الصعب ان تضع بصمة مؤثرة في نفوس المشاهد. وهذا ما تتألق به الراقية (رقية حسن) وتراهن عليه وتكسب رهانها بكل ثقة واقتدار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق