مضناك جفاهُ مرقده ( أحمد شوقي )

امير الشعراء (احمد شوقي)

مضناك* جفاهُ مرقده

وبكاه ورحمَ عودُهُ

حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ

مقروح الجفنِ مسهده

أودى حرفاً إلا رمقاً

يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ

يستهوي الورق تاوهه

ويذيب الصخرَ تنهدهُ

ويناجي النجمَ ويتعبه

ويُقيم الليلَ ويُقْعِدهُ

ويعلم كلَّ مطوقة ٍ

شجناً في الدَّوحِ ترددهُ

كم مد لطفيكَ من شركٍ

وتادب لا يتصيدهُ

فعساك بغُمْضٍ مُسعِفهُ

ولعلّ خيالك مسعدهُ

الحسنُ حَلَفْتُ بيُوسُفِهِ

والسورة ِ إنك مفردهُ

قد وَدَّ جمالك أو قبساً

حوراءُ الخُلْدِ وأَمْرَدُه

وتمنَّت كلٌّ مقطعة ٍ

يدها لو تبعث تشهدهُ

جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي

أكذلك خدَّك يحجده؟

قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا

فأشرت لخدِّك أشهده

وهممتُ بجيدِك أشركه

فأبى ، واستكبر أصيده

وهزَزْتُ قَوَامَك أَعْطِفهُ

فَنَبا، وتمنَّع أَمْلَدُه

سببٌ لرضاك أمهده

ما بالُ الخصْرِ يُعَقِّدُه؟

بيني في الحبِّ وبينك ما

لا يَقْدِرُ واشٍ يُفْسِدُه

ما بالُ العاذِلِ يَفتح لي

بابَ السُّلْوانِ وأُوصِدُه؟

ويقول : تكاد تجنُّ به

فأَقول: وأُوشِكُ أَعْبُده

مَوْلايَ ورُوحِي في يَدِه

قد ضَيَّعها سَلِمتْ يَدُه

ناقوسُ القلبِ يدقُّ لهُ

وحنايا الأَضْلُعِ مَعْبَدُه

قسماً بثنايا لؤلُئِها

قسم الياقوت منضده

ورضابٍ يوعدُ كوثرهُ

مَقتولُ العِشقِ ومُشْهَدُه

وبخالٍ كاد يحجُّ له

لو كان يقبَّل أسوده

وقَوامٍ يَرْوي الغُصْنُ له

نَسَباً، والرُّمْحُ يُفَنِّدُه

وبخصرٍ أوهَنَ مِنْ جَلَدِي

وعَوَادِي الهجر تُبدِّدُه

ما خنت هواك ، ولا خطرتْ

سلوى بالقلب تبرد         اجمع كبار نقاد الشعر العربي على ان هذه القصيدة هي أجمل ماقيل في شعر الغزل والنسيب في العصر الحديث من بحر المتدارك وهو سريع الايقاع وله نغمة موسيقية جميلة تجذب القارئ. وهي معارضة* لقصيدة (أبي الحسن القيرواني)  : يا ليل الصب متى غدة .:. أقيام الساعة موعدة. وقد لحنها وغناها بامتياز موسيقار الأجيال (محمد عبدالوهاب) وغناها العديد من المطربين أمثال (فيروز, سعاد محمد، كارم محمود وعزيزة جلال) أما الفنانة أنغام كانت نقطة انطلاقها من هذه الأغنية وأبدعت في غنائها بشكل لافت. *المعارضة الشعرية: هي محاكاة قصيدة لأخرى موضوعا ووزنا وقافية. شرح القصيدة مضناك : اسم فاعل بمعنى أسير حبك وهواك جفاة مرقدة : خاصمة و لام علية و مرقدة أي مكان نومه رحم عودة : المقصود ترحم علية أي فقد الأمل و المعنى : قتيل حبك خاصمة سريرة و لام علية ...... ثم بكى على أيامه و فقد الأمل فيه فهو لن يتوقف عن حبك البيت الثاني : يصف الشاعر مدى تأخر حالته فقلبه حيران و جفنه مجروح البيت الثالث : يوشك على الهلاك و الضياع إلا رمق و هو لا يريد حياة بدونك فلا يريد هذا الرمق البيت الرابع : الورق : الحمام ....... يسقط الحمام الطائر من تأوهه و لشدة حرقته يذوب الصخر من تأوهه البيت الخامس : يتمادى في وصف مشاعره و سهده و ليلة و سهرة فهو يناجى النجوم و يحدثها و يسهر الليل حيران بلا هدف البيت السادس : و أنه لشدة حزنه يأخذ عنه المنوحات ( النسوان اللي بيولولة ) فنون الحزن و ترانيم العذاب لكي تردده البيت السابع : كم تمنى ان يمر علية طيفك و لمنة حذر ان يغصب هذا الطيف أو يعطله الا تحزن حبيبته لذلك . البيت الثامن : فعساك ان تسعديه فينام ان نال من خيالك مالا ينال منك ان يراه مثلا فهذا اشد ما يسعده . البيت التاسع : انزل الله الحسن على سيدنا يوسف و الفكرة ان حبيبته أشبه الناس بسيدنا يوسف علية السلام . البيت العاشر : كم يرجو ان ينال هذا الجمال أو جزأ منة الرجال و النساء سواء فهو غاية أمل كلا منهم و لكن كل لغرض فالرجال غرضهم معلوم أما النساء فأنتي منتهى ما يرجون ان يكونوا مثله البيت الحادي عشر : و نساء مصر الآتي قطعن أيديهن يتمنين ألآن لو يرونك فيعدن تقطيع الايدي لمدى جمالك . من البيت الثاني عشر إلى البيت السادس عشر : الفكرة واحد أنها غدرت به و انه رغم ذلك يسامحها حتى لو سفكت دمه .... و انه لم يجد شهودا على صدق هواة فأنه يكتفي بخد جرحه الدمع و جفن نال منة السهر ........ ثم يصف كيف تظلمه و تستنكر هواة و تنكره علية . البيت السابع عشر : انه إذا جمع شهوده و حججه و أراد ان يثبت هواة ينسيه الكلام خصرها النحيل شديد الجمال ... فالشاعر يحب حبيبته من قدميها حتى أطراف شعرها . و استمع جيدا لهذا البيت : البيت الثامن عشر : يصف الشاعر ان حبة لا يؤثر شيء علية و لا يقدر واش أو كاذب على النيل منة . البيت التاسع عشر : يصف كيف يساعده اللائمون و يمهدون له سبل النسيان حتى يرحم نفسه من عذاب الهوى و لكنة يأبى إلا ان يحب و يتعذب في سبيل من يحب البيت التاسع عشر : هذا البيت بالذات يعبر عن نفسه و أي شرح له سيضعف المعنى فقط اقرأه و استمتع به فيقول تكاد تجن به .:. فأقول و أوشك اعبده البيت العشرون : يناجى الشاعر حبيبتة ملقبها بمولاة و انها قد ضيعت روحة بيدها و لكنة يدعوا لها ان تسلم يدها . البيت الواحد و العشرون : يصف الشاعر قلبة بالناقوس و يصف دقات قلبة بانها حروف اسم من يحب .... و ان ضلوعة معبد و محراب يقدم فية القرابين ليرضى حبيبتة البيت الواحد و العشرون : يقسم الشاعر باسنان حبيبتة و يصفها انها لؤلؤ يزينة الياقوت . البيت الثاني و العشرون : انه يرجو الكوثر و الجنة جزاء و فائه لحبيبته و انه على استعداد أن يموت من اجلها البيت الثاني و العشرون : يعيد الشاعر قسمة و لكن بخال ( حسنة في وجهها ) و يقول ان الناس كادت تحول الحج من الحرو إلى هذه الخال لو كانوا يستطيعون ان يقبلوها كما يقبلوا الحجر الأسود البيت الثالث و العشرون : يعيد الشاعر قسمة و لكن بقوام حبيبته و يقول ان الأغصان تشبه نفسها به و إنها تختصم في هذا لذا حكمت الحرب فيما بينها و تقتلل بالرماح . البيت الرابع و العشرون : يصف الشاعر ان هذا العود قد نال منه و عذبه بما يكفى و انه يتحمل هذا العذاب عن رضى خوفا من ان تمنعه حبيبته عن لقاءها البيت الأخير : بعد كل هذه الصفات التي اقسم بها يقول : انه ما خان حبها و لم يرجو لهذا العذاب الدائم من جراء هواها ما يخففه عنة أبدا